السلام عليكم
اقدم اليكم هدا الموضوع
سبحان الله !! ، السورة لا تتعدى ثلاث آيات قصار ولكنها معجزة كإعجاز أطول سورة وهي مليئة بالمعاني الغزيرة خالية من التصنع والتكلف .
يقول الله تعالى :- ( إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر ، إن شانئك هو الأبتر ). صدق الله العظيم .
** في قوله تعالى ( إنا أعطيناك الكوثر ) عدة فوائد :-
الفائدة الأولى :- أعطيناك يدل على العطايا الكثيرة المتعددة ، وهي مستندة إلى معط كبير وعظيم ، ولذلك كانت النعمة عظيمة .
و الكوثر هو نهر يجري في الجنة ، ويقول صلى الله عليه وسلم : - ( أعطيت الكوثر ، فإذا هو نهر يجري ولم يشق شقاه ، وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ ، فضربت بيدي في تربته ، فإذا مسك أذفر ، و إذا حصباؤه الؤلؤ ) مسند أحمد .
ومن جملة الكوثر ما اختصه الله به من النهر الذي طينته المسك وحصباؤه الفضة ، وحافتاه أواني الذهب والفضة بأكثر من عدد النجوم .
الفائدة الثانية :- أنه جعل خبر ( إن ) فعلا ، وهو أعطيناك ، وبنى الفعل على المبتدأ ، فقدم الفاعل – الذي صار اسما لإن – على الفعل ، والتقديم يفيد التوكيد ، فأكد الإعطاء بإثبات الخبر .
الفائدة الثالثة :- أنه جمع ضمير المتكلم فقال : إنا أعطيناك ، ولم يقل إني أعطيتك ، لما في الجمع من عظمة الربوبية .
الفائدة الرابعة :- أنه صدر الجملة بحرف التوكيد وهو يجرى مجرى القسم فكأنه أقسم بذاته أن الإعطاء واقع لا محالة .
الفائدة الخامسة :- أنه أورد الفعل بلفظ الماضي ( أعطيناك ) ولم يورد بلفظ الاستقبال ليتفق مع الإعطاء في الآخرة ؛ دلالة لتحقق وقوع الفعل ولا ارتياب في وقوعه .
الفائدة السادسة :- جاء بالكوثر محذوف الموصوف نهر الكوثر – أي نهر مفرط في الكثرة ولم يذكره ، لأن في ذكر الموصوف تعيين وتحديد له ، فحذفه يدل على الإبهام والعموم .
الفائدة السابعة :- أنه أتى بالكوثر معرفا بأل ؛ ليعطي معنى الكثرة كاملا شاملا .
** وفي قوله تعالى ( فصل لربك وانحر ) عدة فوائد :-
منها :- أن الفاء في ( فصل ) فيها معنى السببية ، لأنه جعل الإنعام الكثير سببا للقيام بشكر المنعم وعبادته .
ومنها :- أن الام في ( لربك ) تفيد التعريض بالكفار ، فأراد الله أن يثبت قدمي الرسول صلى الله عليه وسلم على الصراط المستقيم ، وأن يخلص العبادة لوجهه الكريم .
ومنها :- أن الصلاة والنحر نوعان من العبادة ، والأعمال البدنية تتمثل في الصلاة ، والأمور المالية تتجلى في النحر .
ومنها :- أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اختص بالصلاة ، حيث جعلت قرة عينه في الصلاة ، كما اختص بنحر البدن التي كانت همته فيه قوية .
ومنها :- مراعاة السجع في الآيات التي تتكون منها السورة ، والسجع من جملة البديع إذا جاء مطبوعا غير متكلف ولا مصنوع ، كما جاء في السورة .
ومنها :- أن في العبادة اختصاص العابدين بعبادة ربهم ، وفيها تعريض بمن ترك عبادة ربه .
** وفي قوله تعالى ( إن شانئك هو الأبتر ) عدة فوائد :-
منها :- تعليل للصلاة والنحر في الآية السابقة .
ومنها :- أنه ذكر العاص بن وائل بصفته لا باسمه .
ومنها :- أنه صدر الجملة بحرف التوكيد ، ولم ينطق إلا بالشنآن وما فيه من بغض وحسد .
ومنها :- أنه أتى بالخبر معرفة ( الأبتر ) ليدل على كمال البتر والقطع بهذا العدو الشانيء المغيظ المحنق ، حتى كأنه الموصوف بالأبتر ، أي بهذا الوصف الذي وصف به الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال : إنه صنبور أي أقطع مبتور الولد .
فهذه السورة مشحونة بجلائل النكت ، خالية من التصنع والتكلف ، وجاءت السورة القصيرة بمعان غزيرة ، مما يجعلنا نعدها من الإيجاز المعجز ، والإيقاع المفخم ، فالكوثر نهر في الجنة أحلى من العسل ، وأشد بياضا من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وألين من الزبد ، حافتاه الزبرجد ، وأوانيه الفضة والذهب .
وأخيرا وصل بنا المطاف إلى نهاية هذا البحث المتواضع ، وأرجو من الله أن ينفعني به وينفع كل من قرأه ، راجية من الله السداد في الأمر ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه ... إنه سميع مجيب
والسلام عليكم ورحمة الله ...