السلام عليكم
لست من محبي بومدين ولا من عشاق مسيرته ولا حتى من مؤيدي فترته في كثير من مراحلها حسب قراءتي لتاريخها وما أملك من معلومات قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة كما قد أكون من المحقين فيما قلت وقد أكون من المجحفين في حق الرجل ولست هنا أقيم محكمة لرجل قد أفضى إلى ربه ولست أهلا لذلك ولا لانتقاد مسيرة الرجل أو تأييدها إنما ما حز في نفسي هو موقف مر بي منذ أيام جعلني أبحث عن شيء ربما أكفر به عن سوء ظني بالرجل أو أضع شيئا مهما عن حياته خدمة لذلك الموقف الذي أحاول أن أضعه بين أيدي أعضاء منتدانا الغالي وأتمنى أن تكون شهادة للتاريخ وموقفا لي عله يشفع لي عند ربي ليغفر لي ما أخطأت به في حق الرجل . كنت عائدا ذات يوم إلى مقر سكناي في حافلة وفي الطريق توقفت تلبية لطلب بعض المسافرين فكانت لي الفرصة أن أختار مكانا للوقوف رغم وجود كراسي شاغرة وذلك بسبب الحرارة المرتفعة في تلك الأثناء كان هناك شيخ يقارب السبعين من عمره يشغل مقعدا لوحده وبعد مسافة 10كلم تقريبا التفت إلي الشيخ وطلب مني الجلوس فرفضت فما كان منه إلا أن يلح علي بالطلب فاستحييت منه ومن شيبته ومن صوته العالي الذي جعل كل المسافرين ينظرون إلي جلست بجانبه بدا بالمداعبة وكم كانت حلوة مريحة أضحكني كثيرا رغم ما كنت فيه من تفكير وغم وهم جزاه الله عني كل خير اقتربنا من إحدى الغابات نظر الشيخ تجاهها ثم أطلق تنهيدة أشعرني أن الرجل مهموم كثيرا التفت إليه عرف نظرتي وربما قرأ السؤال في عيناي قال أو (قل أجاب عن سؤالي الذي لم اطرحه) انظر يابني رحل رجل الغابات ذهب رجل التشجير لم اجبه لكن وصلت بذاكرتي بسرعة البرق إلى حيث أشار إلى تلك الفترة فترة السد الأخضر فترة غرس الغابات لكن كل ذلك كان في صمت رهيب غبت عنه لبعض لحظات لاأدري إن كان مواصلا كلامه أم كان صامتا هو أيضا تنهدت وقلت له البقاء لله الواحد القهار وإذا بي أسمع تنهيدة أقوى من تلك التي أطلقتها بل أقوى من التي أطلقها هو أول مرة عندها انطلق لسانه تحركت مشاعره تجاه الماضي الدفين تزاحمت الذكريات على ذاكرته والكلمات على لسانه عندها فقط عرفت أن الرجل مولع ببومدين رحمه الله كانت كلماته مسبوقة بعباراته الساخنة المتهاطلة على خدوده فو الله حتى ظننت ان الرجل ربما فقد احد أعزائه للتو دموع أبت التوقف فتوقفت الكلمات وأبت أن تزاحم الدموع بل فسحت لها المجال لتغسل تلك الخدود من هموم الزمان واستمر الموقف وازداد سوءا فكلما أراد أن يذكر شيئا من حياة الرجل سالت وديان من الدموع على خدوده وكأنها تريد حفر وديان هناك، تسيل ولا مجفف لها سوى يديه المرتجفتين اللتان تحاولان عبثا إيقاف تلك السيول الجارفة ، ماأصعبه من موقف وما أشده على نفس ضعيفة مثل نفسي أردت أن أشاركه دموعه لكن حيائي وخجلي منعاني من ذلك لكنهما لم يستطعا منعي من الحزن والألم ، ذكر الرجل عدة مراحل من الثورة التحريرية المباركة ودور بومدين بعدها انتقل إلى مرحلة الاستقلال وما عاشه الشعب من رفاهية لايختلف فيها اثنان رغم اختلاف الناس في الأسباب والعوامل مذكرا أياي بمنجزات الرجل ومواقفه التي لا يجحدها إلا جاحد بين الجحد يتكلم الشيخ ويتنهد ويقول ماذا جرى لنا وللجزائر وربما أحيانا اسمع منه كلمات قد تبدو عند البعض من المكفرات المخرجة من الملة بدأت أتذكر ما سمعته عن الرجل في السابق من مواقف لا تكون إلا للأبطال وللزعماء مواقفه عن الأمة العربية ،عن القضية الفلسطينية ، عن اللغة العربية ، عن الشعب الجزائري عن ....................................... مواقف كثيرة سمعتها وقرأتها عن الرجل ذكرني بها هذا الشيخ ، واصل الشيخ سرد ذكرياته ويداه ما تزالان تتابعان أثر الدموع عرفت أن الشيخ كان في تلك الفترة في فرنسا وكان طريح الفراش منتقلا بين مستشفيات باريس وصف لي يوم وفاة بومدين ويوم دفنه وكيف قضاه ومن معه بالمستشفى الباريسي وما سمعه من الفرنسيين عن بومدين ليس الكل بطبيعة الحال وليس السياسيين إنما تكلم عن أناس عاديين معه في المستشفى ومدى تأثرهم بوفاته ومازال كذلك حتى أخبرته أنني على وشك النزول من الحافلة فمد الشيخ يده وصافحني وشد علي وكأنه يودعني أوكأنه يشكرني على سماعي وانتباهي له منذ البداية أو استراح من عبء كان يحمله على عاتقه ( وهي أمانة التبليغ ) فهمت من الشيخ أنه حملني مسؤولية التبليغ أمانة كانت تقلقه ، فهمت من نظراته أنه يطلب مني تبليغ ذلك للكل وأكثر وأن نتذكر الرجل بالخير ونحفظ مواقفه ونبلغها للأجيال ، أدركت ذلك من مصافحة الشيخ لي ونظراته وابتسامته الأخيرة فقررت أن أكافئ هذا الشيخ ولو بكتابة ماقاله في المنتدى أو أزيد عن ذلك ماتيسر وشاء الله وأن اجد هذا الموضوع في إحدى الجرائد اليومية تتكلم عن مواقف أكثر مصداقية وأكثر وضوحا وأبلغها شجاعة للرجل الذي بكاه الشيخ فهاأنذا أضعه بين أيديكم مكافاة لموقف الشيخ ولو لم يقرأه أو يسمع به وأرجو من الله تعالى أن يجعله في ميزان حسناتنا والله من وراءالقصد وهو يهدي السبيل .
خطة بومدين كانت تهدف القضاء على "إسرائيل"
يقول الفريق الحديدي: "في مساء اليوم الثالث من عدوان 67 كان الجيش المصري قد فقد معظم قواته في سيناء، أما الحصيلة النهائية لتلك الخسائر فقد بلغت في صفوف الطيارين 04٪ ، و17٪ من القوات البرية، وكانت الخسائر في المعدات قد بلغت 85٪ في القوات البرية، أما خسائر القوات الجوية من القاذفات الثقيلة والخفيفة فقد وصلت إلى 100٪ و87٪ من المقاتلات القاذفة والمقاتلات وكان عدد الشهداء والمفقودين والأسرى هو 13600، وهذه الأرقام لم يكن قد أُعلن عنها بعد. لكن الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين قد فهم من كلام الرئيس عبد الناصر أن الجيش المصري أصبح في حالة لا تسمح له بالقتال، إلا من خلال تدخل قوي على جبهات أخرى تشغل العدو لحين إعادة ترتيب صفوف المصريين وتطوير القتال، ناصر لم يبلغ بومدين بهذا الأمر صراحة، لكن الأخير كان يحمل الكثير من مقومات الشخصية العسكرية القيادية والقادرة على التكيف مع تطورات الميدان، والغريب أن الرجل كان أكثر قربا وتحليلا وقراءة لما يحدث على أرض القتال من القادة العسكريين المصريين آنذاك.وعلى الفور اتصل بومدين بالرئيس السوري آنذاك نور الدين مصطفى الأتاسي، وطلب منه سرعة توجيه ضربة جوية للمطارات والممرات والقواعد العسكرية والمنشآت الحيوية وتدمير الكنيست الصهيوني والمصانع الكيميائية، وهذه المعلومة -يقول الحديدي- أبلغني بها أحد الدبلوماسيين السوريين المقربين من الأتاسي، وقدم لي الوثائق التي تؤكد صحة كلامه. ويضيف الفريق الحديدي: "لم يكن الرئيس الجزائري الراحل يطلب من سوريا مهمة مستحيلة، فالمقاتلات الصهيونية كانت منهمكة في القتال في سماء مصر، وكانت قواعد العدو منكشفة، والوصول إليها كان أمرا في غاية السهولة، لذلك طلب بومدين أيضا من الأتاسي أن تتوغل القوات السورية في فلسطين المحتلة، وأظهرت خطة الراحل بومدين العسكرية أنها كانت متكاملة ومدمرة للعدو، وكان من شأنها أن تقلب الهزيمة نصرا، بل وكان من الممكن أن تضع حدا للوجود الصهيوني في الأراضي العربية. وبالإمعان أكثر في تفاصيل هذه الخطة، نجد أن الرئيس الجزائري لم يطلب من الطيران الحربي السوري مجابهة المقاتلات السورية والالتحام معها في معارك جوية من باب أن المعركة ستكون غير متكافئة، وإنما طالب بتدمير الممرات والمطارات مما يجعل هبوط ورجوع هذه المقاتلات إلى قواعدها أو على الأقل التزود بالوقود والذخيرة متعذرا، فتبقى عالقة في السماء حتى تسقط بمفردها مشلولة عن الحركة، أو على الأقل يتحيد دورها في المعركة، ليتاح المجال للقتال البري، وبذلك يعود جانب هام من جوانب توازن القوى بعد أن ينكشف الغطاء الجوي للجيش الصهيوني، مثلما حدث للجيش المصري".
المقاتلات الجزائرية تأهبت لتدمير القوة الجوية الصهيونية : ويواصل الفريق الحديدي: "ذهبت الخطة الجزائرية إلى أبعد من ذلك، حينما طمأن الرئيس بومدين الرئيس الأتاسي، بأن المقاتلات الجزائرية تستعد لدخول المعركة بشكل مباشر، وأن هناك عملية جوية كبيرة تنوي الجزائر من خلالها الاشتباك مع المقاتلات الصهيونية، وتدميرها في معركة عبّر عنها الرئيس الجزائري بـ "السهلة" إذا لم تتح فرصة عودة تلك المقاتلات إلى قواعدها، وأخبر بومدين الأتاسي أن هناك عقبة وحيدة وهامة تعترض هذه العملية وهي مكان الهبوط والتزود، خاصة وأن المسافة من الجزائر إلى الأراضي الفلسطينية لن تمكن المقاتلات الجزائرية التحليق في الجو أكثر من 25 دقيقة إضافية. ولأن المطارات المصرية دمرت بأكملها، فكان منطقيا -يقول الحديدي- أن يطلب بومدين من سوريا استخدام المطارات السورية لتكون قواعد انطلاق وهبوط للمقاتلات الجزائرية، وأكد الرئيس الجزائري لنظيره السوري أن الأسطول الجوي الجزائري بأكمله سيشارك في تنفيذ هذه العملية، وأن نسبة نجاحها تفوق الـ 90 في المئة، وقال حرفيا : آن الأوان للقضاء على هذا الطاعون.. مد يدك في يدي سيادة الرئيس ليس فقط من أجل إنقاذ مصر، ولكن من أجل أمتنا وشرفنا".أما عن الرد السوري، والذي حرصت على معرفته، فالفريق الحديدي يقول: "لم يكن هناك مبرر واحد لرفض هذه العملية، اللهم إذا كانت هناك رغبة من بعض الساسة العرب الخلاص من عبد الناصر وترك مصر تواجه مصيرها، ففي تلك الأثناء واجه ناصر عديد المؤامرات من الداخل والمحيط العربي والدولي، وكان هناك شبه إجماع من هذه الأطراف على ضرورة استئصال الرجل، لذلك تلحظ -يقول الحديدي- أنني ركزت في شهادتي إليك على مواقف الرئيس الجزائري هواري بومدين الذي سار في الاتجاه الآخر، وشذّ عن هذه المؤامرة، لينفرد بهذا الموقف عن بقية القادة الذين حكموا العالم آنذاك، ولعل هذا أحد أهم الأسباب الرئيسية التي دفعت الكتاب والمؤرخين إلى طمس كل المعلومات المتعلقة بالدور الجزائري، وهو الدور الذي يتناقض في حجمه وتفاعله مع كل الأحاديث المتعلقة بهذا العدوان أو حتى حرب 73". ويضيف الحديدي: "أبلغتني عديد الشخصيات السورية في حكومة الأتاسي أن الرجل لم يكن متحمسا للعرض الجزائري، وكان جل همه أن يبعد العدوان عن الأراضي السورية، وأنه أخبر الراحل بومدين أن العملية تحتاج لتخطيط ووقت، لكن الوقت كان أسرع مما توقع الرئيس السوري، ولم يكن أمامه سوى قبول الهزيمة بصدر رحب بعد أن أمر قواته بالانسحاب من الجولان قبل أن تصل إليها القوات الصهيونية". الجزائر سلمت سوريا أسلحة بـ 100 مليون دولار :المسافة بالطائرة من القاهرة إلى دمشق لا تجاوز الـ 80 دقيقة، ومرت دون أن أشعر بها، ولكن المسافات السياسية بين البلدين أبعد مما بين المشرق والمغرب، تناقض عجيب في العلاقة بين البلدين الذين انضويا يوما تحت راية الوحدة والدفاع العربي المشترك، لكن هذا الخلاف يجسد بوضوح اهتراء نظرية التنسيق العربي، حتى في أحلك الظروف، المهم أنني وصلت أخيرا إلى الشخصية التي علّقت عليها آمالا كبيرة لإزالة اللبس وختم هذا الملف، إنه العميد ركن "شعيب سليمان" الذي وجدته في انتظاري، و"مرتب" للإجابة على أسئلتي. سألته: أين كان موقعك أثناء عدوان 67؟ فأجاب: كنت برتبة ملازم أول في فرع التوجيه المعنوي، وفي عام 73 كنت برتبة رائد في الإمداد. *لدي معلومات أنك كنت أحد المشرفين على نقل وتأمين الأسلحة الجزائرية إلى الجيش السوري عام 67. **للتوضيح لم يكن ذلك في عام 67، وإنما في عام 73، فالعلاقات بين سوريا والجزائر كانت متوترة بين عامي 67 و70، بفعل بعض الخلافات بين الرئيس السوري مصطفى الأتاسي والرئيس الجزائري هواري بومدين، ولم تنته هذه الخلافات إلا بوصول الرئيس الراحل حافظ الأسد للحكم عام 1970.
*هل وضحت لنا سر هذه الخلافات؟ **أولا هي لم تصل حد القطيعة، لكن الرئيس الجزائري كان يتهم الأتاسي بالتقاعس عن أداء واجباته تجاه الأمة العربية خاصة أثناء حرب حزيران 67، وسَرَت أقاويل في الشارع السوري تفيد بأن الأتاسي فرّط مجانا في الجولان بفعل خطاب لبومدين تحدث فيه عن رفض الرئيس الأتاسي قصف إسرائيل أثناء 67.
*وفي نظرك.. لماذا لم تقدم سوريا على هذه الخطوة؟ **كان الوقت قد فات بالفعل، فقد قصف الطيران السوري مصفاة حيفا، لكن الرد الإسرائيلي كان كبيرا حيث ضرب دمشق، ولم يكن الجيش السوري يمتلك الجهوزية اللازمة لخوض معركة مع إسرائيل.
*ترككم لمصر فريسة في يد الكيان الصهيوني عام 67، رغم أن جيشها تحرك من أجل سوريا، هل تراه أمرا منطقيا؟ **بالطبع لا، حتى أننا لحد الساعة ندفع ثمن هذا التردد، لكن القرارات السياسية كانت تتخذ وفقا لأغراض معينة، لذلك كان أحد أسباب ثورة التصحيح التي قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد هو تصحيح القرار السياسي خدمة للقضايا العربية وحفاظا على مصالح الأمة العربية، بدليل أن علاقات الرئيس الأسد مع جميع الزعماء العرب اتسمت بالود والتفاهم، وأن قرار حرب تشرين 73 لم يكن بعيدا عن سوريا، بل ومن صنع يدها.
*هل لك أن تصف لنا حجم المساعدة الجزائرية لسوريا لاسترداد الأراضي العربية المحتلة؟
**الجزائر أمدت سوريا بصفقة أسلحة بلغت قيمتها الـ 100 مليون دولار، وكانت عبارة عن أسلحة سوفييتية شملت صواريخ أرض- أرض، وأرض- جو، ودبابات وأجهزة رادارات وذخيرة ميدان متنوعة.
*وهل شاركت قوات جزائرية على الجبهةالسورية؟ **لا.. لم يحدث ذلك، فجميع القوات الجزائرية المشاركة كانت على ضفاف قناة السويس، بينما شاركت قوات عربية أخرى على الجبهة السورية، لكنها تمركزت في الخطوط الخلفية وليس في خط المواجهة بالجولان وجبل الشيخ.
*أيعني ذلك أن المساعدات العسكرية الجزائرية لسوريا كانت طفيفة؟
**المعونات العسكرية الروسية التي كانت بمال جزائري أعادت تقوية الجيش السوري ومنحته القوة اللازمة لصنع البطولات في القنيطرة والجولان وجبل الشيخ في تشرين 73 .
*هل يمكن أن نوصم الدور السوري في عدوان 67 بالخيانة؟**الذي يستحق أن يوصف بالخيانة هو الإعلام العربي المضلل، والذي ألبس الصورة على الساسة وأثر سلبا على قراراتهم، فقد خرجت الصحف المصرية آنذاك تنشر بياناتنا العسكرية الكاذبة عن إسقاط طائرات العدو، في الوقت الذي دُمّر فيه السلاح الجوي المصري تدميرا كاملا، وهذا هو ما نعاني منه حتى الآن طمس الحقيقة وإذاعة ونشر الخديعة، والخائن هو من يتخلى عن واجباته وقت الأزمات، فقد كان جنرالات عبد الناصر يتصارعون عقب هزيمة 67، ويلقون بالمسؤولية عليه بينما هم لم يكونوا على مستوي الدراية بتطورات الأحداث ويتحملون الجانب الأكبر من الهزيمة
*وما الدروس التي يجب أن نعيها من خلال هذه الهزيمة المُرّة؟ **نحن لا زلنا لم نعِ الدرس بعد، ولا زلنا نقلب الحقائق، نمجد الخونة والعملاء، ونتّهم الشرفاء، فالهزيمة كانت سريعة وفادحة على جبهات ثلاث، وأدت إلى تغيير كامل للأوضاع الاستراتيجية ومكّنت إسرائيل من فرض نظرية الأمن الخاصة بها وهي تحقيق أغراضها على أساس توازن القوى وليس توازن المصالح، أما عن ميلاد نظرية "القوة التي لا تقهر" جراء هذه الهزيمة، فأرد بأن الجيوش العربية كانت ضحية لقيادتها قبل أن تكون ضحية لعدو واجهته، الأمر الذي يجعلنا نؤكد أن إسرائيل لم تواجه حتى اليوم بالقدرة العربية الحقيقية، فالقدرة موجودة ومتوافرة ولكن استخدامها بالطريقة الصحيحة وفي الوقت الصحيح غائب سواء عن قصد أو جهل .