من الركائز والوسائل التي تعتمد عليها التربية الفاضلة القدوة الصالحة، التي لها أكبر الأثر في تأديب الأبناء وإصلاحهم واستقامتهم (وحسن تربيتهم) وتكوين شخصيتهم، لأنها تربية بالعمل والواقع والمثال الحي المشاهد، وقد كان العرب يرسلون أبناءهم إلى مربين مختصين يتم انتقاؤهم لتميزهم بالعلم والدين والخُلق، أو أن يكون الأبوان خير قدوة لأبنائهما الذين يتخذونهما مثلاً أعلى في السلوك والأخلاق لقوله {: "أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم" رواه ابن ماجة، فالوالدان مطالبان بتطبيق أوامره تعالى وسنة رسوله { سلوكاً وعملاً.. لأن أطفالهما في مراقبة مستمرة لهما في كل آن، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "بعثني النبي { في حاجة فأبطأت على أمي، فقالت: ما أبطأك؟ قلت بعثني رسول الله { في حاجة، قالت: ما هي؟ قلت: إنها سر، فقالت: لا تخبرنّ أحداً بسر رسول الله {".
والقائمون على التربية والتهذيب لا بد لهم من العناية بتهذيب الروح لربط الطفل بخالقه وإحياء ضميره الذي سيقدر الخير للخير.
ومن المؤسف في عصرنا ما يقترفه بعض الآباء والأمهات في حق أطفالهم.. حال عدم مبالاتهم بما يصدر عنهم من أقوال وأفعال سيئة وغير مستقيمة أمام أطفالهم، وينسون أو يتجاهلون أن أبناءهم يراقبونهم ويتعلمون منهم دون أن يشعروا.
وقد حذر النبي { الوالدين من الكذب على الأبناء، فعن عبد الله بن عامر أنه قال: "أتى رسول الله { في بيتنا وأنا صبي، قال: فذهبت أخرج لألعب، فقالت أمي: يا عبد الله تعال أعطيك، فقال رسول الله {: وما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمراً، فقال رسول الله {: أما إنك لو لم تعطيه شيئاً كتبت عليك كذبة" (أخرجه أبو داود).
كما تشجع بعض الأمهات والآباء أولادهما على التجسس على الآخرين ونقل الأخبار إليهم فيتعودون النميمة. تلك الخصلة الذميمة التي قال فيها النبي: "لا يدخل الجنة نمام" عندها ينشأ الأطفال محبيّن لكشف العورات ونقل أسرار البيوت.
إن القدوة تعطي الفرصة للأفراد أن يحققوا راغبين كل ما يستطيعون ويقدرون على تحمله في الاقتداء، وأكثر الأساليب التربوية أثراً في نفس المتلقي لدوام أثرها واستمرارها في النفس "القدوة