أبوعبدالمعز عضو نشط جدا
العمر : 45 المدينة : القيقبة الوظيفة : تاجر البلد : : تاريخ التسجيل : 01/06/2010
| موضوع: من جوائز رمضان الإثنين أغسطس 02, 2010 3:45 pm | |
| من جوائز رمضان " للشّيخ الفاضل حسن آيت علجت الجزائري حفظه الله .
لقد وفد علينا ضيف جليل ، و أظلنا شهر فضيل ، ألا و هو شهر رمضان ، شهر القرآن ، شهر مغفرة الذنوب و العتق من النيران ، فحري بالمسلم أن يعد لهذا الضيف الكريم الموائد و القرى من أنواع القربات ، و الأعمال الصالحات ، مع تصحيح النيات و الإرادات ، شكرا لرب البريات ، لما أودع هذا الشهر من الجوائز و الصلات. ومن جوائز هذا الشهر المبارك ، جائزتان عظيمتان متلازمتان : أولاهما : ولاية الله تبارك و تعالى. و يا لله ، ما أعظمها من جائزة تشرئب لها الأعناق ، و تطلع إليها الأفئدة بالأشواق ، ذلك بأن أعظم ثمرة يجنيها العبد من الصيام هي تقوى الله عز و جل ، إذ قال عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون } ( سورة البقرة ). و التقوى شرط لنيل ولاية الله عز وجل ، كما قال سبحانه : { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون ، الذين آمنوا و كانوا يتقون } ( سورة يونس ) ، و كما قال أيضا : { إن أولياؤه إلا المتقون } ( سورة الأنفال ).(1). الجائزة الثانية : نيل كرامة الله المنان بدخول جنة الرضوان. ذلك بأن هذه التقوى التي هي ثمرة الصيام ، ينشأ عنها دخول الجنة دار السلام ، فقد ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم أن أهل الجنة هم أهل التقوى ، فقال سبحانه : { و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين } ( سورة آل عمران ) ، و قال أيضا سبحانه : { إن للمتقين مفازا حدائق و أعنابا و كواعب أترابا و كأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا و لا كذابا جزاءا من ربك عطاءا حسابا } ( سورة النبأ ) ، وقال أيضا سبحانه : { إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس و إستبرق متقابلين كذلك و زوجناهم بحور عين يدعون فيها بكل فاكهة آمنين لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى و وقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم } ( سورة الدخان ) ، و الآيات في هذا المعنى كثيرة جدا. و قد تقرر فيما سبق أن الصائمين هم أولى الناس بوصف التقوى ، لذلك كانوا هم أهل جنة المأوى.و قد جاء من الأحاديث النبوية – ما يؤيد هذا المنحى ، و يعضد هذا المعنى – الطيب الكثير ، و هذه باقة منها : روى الشيخان عن سهل بن سعيد الساعدي رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن في الجنة بابا يقال له الريان ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، يقال : أين الصائمون ؟ فيقومون ، لا يدخل منه أحد غيرهم ، فإذا دخلوا أغلق ، فلم يدخل منه أحد ". وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " إنما الصيام جنة يستجن بها العبد من النار " (2). و عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : أسندت النبي صلى الله عليه و سلم إلى صدري فقال : " من صام يوما ابتغاء وجه الله ختم له بها : دخل الجنة " (3). وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، دلني على عمل أدخل به الجنة ؟ قال : " عليك بالصوم فإنه لا مثل له " (4). من أجل ذلك فإن أبواب الجنة تفتح في رمضان خاصة – دون غيره من الشهور – بشرى للصائمين بأنهم للجنة من الداخلين ، كما أخبر بذلك الصادق الأمين صلى الله عليه و سلم في حديث الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : " إذا دخل رمضان ، فتحت أبواب الجنة ، و غلقت أبواب جهنم ، و سلسلت الشياطين وفي حديث آخر عنه رضي الله عنه مرفوعا : " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان ، صفدت الشياطين و مردة الجن ، و غلقت أبواب النار ، فلم يفتح منها باب ، و فتحت أبواب الجنة ، فلم يغلق منها باب ، و ينادي مناد كل ليلة ، يا باغي الخير أقبل ، و يا باغي الشر أقصر ، و لله عتقاء من النار ، و ذلك كل ليلة " (5). و هناك سر لطيف في سبب نيل صائمي رمضان كرامة الرحمن بدخول جنة الرضوان ، و يتجلى هذا السر مليا من خلال الأحاديث الآتية : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال " تقوى الله ، و حسن الخلق " ، و سئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال :" الفم ، و الفرج " (6). و في " الصحيحين " عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من يضمن لي ما بين لحييه ، وما بين رجليه ، أضمن له الجنة ". فتبين من الحديثين السابقين أن أكثر ما يدخل الناس الجنة هو تقوى الله و حسن الخلق عموما ، و حفظ الفرج و اللسان خصوصا ، و شهر رمضان مضنة تحصيل كل من هذه الخصال الطيبة : فأما تقوى الله عز وجل ، فقد سبق بيان أنه ثمرة الصيام و جنيه ، و أما حسن الخلق ، و حفظ الفرج و اللسان ، فلا يجد المرء ميدانا للحصول عليهما ، واكتسابهما أفضل من شهر رمضان. وسبب ذلك أن الشارع الحكيم قد اعتنى بهذه الأمور الثلاثة أيما اعتناء في شهر رمضان خصوصا ، فقد جاء فيما يخص حسن الخلق ، وحفظ اللسان حديث الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا كان يوم صوم أحدكم ، فلا يرفث ، و لا يصخب ، فإن سابه أحد ، أو قاتله ، فليقل : إني امرؤ صائم ". وفي رواية أخرى عنه رضي الله عنه : " ليس الصيام من الأكل و الشرب ، إنما الصيام من اللغو و الرفث ، فإن سابك أحد ، أو جهل عليك ، فقل : إني صائم ، إني صائم " (7). وروى الإمام البخاري رحمه الله عنه أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من لم يدع قول الزور و العمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه ". أما فيما يخص حفظ الفرج ، فقد جعل النبي صلى الله عليه و سلم الصوم قاطعا لشهوة الجماع ، و كابحا لجماحها ، ففي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، و أحصن للفرج ، و من لم يستطع ، فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ". قال ابن الأثير في " النهاية في غريب الأثر " : ( الوجاء أن ترض أنثيا الفحل رضا شديدا يذهب شهوة الجماع ، و يتنزل في قطعه : منزلة الخصي ، و قد وجىء وجاءا ، فهو موجوء . و قيل : هو أن توجأ العروق ، و الخصيتان بحالهما . أراد أن الصوم يقطع النكاح كما يقطعه الوجاء ) اه. فتبين حينئذ ، أنه يحفظ للصائمين ألسنتهم و فروجهم من المعاصي و الآثام ، و تحسينهم أخلاقهم بحسن معاملتهم للأنام ، تشرفوا بنيل كرامة الله عز و جل بدخول الجنة دار السلام ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإن مما قرره الله تعالى في كتابه الكريم ، أن الجنة لا ينالها العبد إلا بمغفرة الله تبارك و تعالى ذنوبه . لهذا قرن الله تعالى بين الجنة و المغفرة في غير ما آية ، وذلك في مثل قوله جل و علا : { و سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنة عرضها السماوات و الأرض أعدت للمتقين } ( سورة البقرة ) ، و في مثل قوله سبحانه : { و الله يدعو إلى الجنة و المغفرة بإذنه } ( سورة البقرة ) ، و قوله أيضا – جل من قائل - : { مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن و أنهار من لبن لم يتغير طعمه و أنهار لذة للشاربين و أنهار من عسل مصفى و لهم فيها من كل الثمرات و مغفرة من ربهم } ( سورة محمد ). و لما كان الأمر بهذه المثابة ، فإن شهر رمضان هو شهر المغفرة التي هي سبب لدخول الجنان ، كما ثبت ذلك في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من صام رمضان إيمانا ، و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ". و عنه – أيضا – رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و سلم صعد المنبر فقال : " آمين ، آمين ، آمين " ، قيل : يا رسول الله ، إنك صعدت المنبر فقلت آمين ، آمين ، آمين ؟ فقال : " إن جبرائيل أتاني ، فقال : من أدرك شهر رمضان ، فلم يغفر له ، فدخل النار ، فأبعده الله ، قل : آمين ، فقلت : آمين ...." الحديث ( فهلم أيها المسلمون إلى السعي لنيل هذه الجوائز الربانية ، و المنح الإلاهية ، واهتبلوا أيام رمضان الهنية ، للتعرض لنفحات رحمة رب البرية ، كما أمر بذلك الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم فيما يرويه عنه خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه ، إذ قال : " افعلوا الخير دهركم ، و تعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده " (9). و رمضان نفحة من نفحات رحمة الله تبارك و تعالى ، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة ، و غلقت أبواب جهنم ن و سلسلت الشياطين ". و لله در من قال : من ناله داء دو بذنوبه **** فليأت في رمضان باب طبيبه فخلوف هذا الصوم يا قوم اعلموا **** أشهى من المسك السحيق و طيبه أوليس هذا القول قول مليككم : **** الصوم لي و أنا أجزي به ؟ (10). والله المستعان ، وعليه التكلان ، و لا حول و لا قوة إلا بالله العظيم. الحواشي : (1) وانظر تفسير هذه الآية بهذا الوجه عند الإمام الطبري في " تفسيره " ( 9 / 156 – 157 ) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " ( 11/ 164 ). (2) حسن : رواه أحمد . انظر : " صحيح الترغيب " ( 981 ). (3) صحيح : رواه أحمد. انظر : " صحيح الترغيب " ( 985 ). (4) صحيح : رواه ابن حبان . انظر : " صحيح الترغيب " ( 986 ). (5) حسن : رواه الترمذي وابن ماجة. انظر : " صحيح الترغيب " ( 998 ). (6) حسن : رواه الترمذي ، و البخاري في " الأدب المفرد " ، انظر : " صحيح الترغيب " ( 1723 (7) صحيح : رواه ابن خزيمة ، وابن حبان ، و الحاكم ، انظر : " صحيح الترغيب " ( 1082 ). ( صحيح : رواه ابن حبان و ابن خزيمة . انظر : " صحيح الترغيب " ( 997 ). (9) حسن : رواه الطبراني . انظر " الصحيحة " ( 1890 )(10) ذكر هذه الأبيات ابن الجوزي في " التبصرة " ( 2 / 63 ). مجلة الإصلاح العدد السادس | |
|