أنـّـات السيد أبو إياد والخبر الذي أورده للنقاش لم تلق تفاعلا من المعلمين والأساتذة والمديرين المنتسبين لهذا الموقع، وليسمح لي كل من يطلع على الخبر ويعذرني في خروجي عن الموضوع في البداية (قبل أن أعطي رأيي بإيجاز في الخبر).
حزّ في نفسي قبل إحالتي على التقاعد عجزي وقلة حيلتي في دفع أكثر المديرين والمعلمين إلى التقرب من مواقع التربية والتعليم للاستفادة منها بالأخذ والعطاء وتبادل الخبرات والآراء.
كنت أفكر كثيرا في عزوف أغلبهم عن ممارسة العمل بجهاز الكومبيوتر، وبذلت جهودا من بداية الألفية الثانية بغرض إحداث طفرة نوعية مع المعلمين والمديرين ومن خلالهم تلاميذ الابتدائيات، وتحقق كثير من النجاح كامتلاك المؤسسات لجهاز واحد على الأقل، ثم جهازين وهكذا، وفُــوّج التلاميذ لأخذ بعض الأساسيات في التعامل مع هذه الوسيلة المتميزة. وكنت أزور المدارس وأقف على عمل بعض الأطفال ومنهم من لم تبلغ رجلاه الأرض بسبب أعمارهم الصغيرة وقصر قاماتهم، ومنهم الكبار في السنوات الخامسة، ومن خلال ممارساتهم تشعر وأنهم بدأوا يتعودون على استخدام برامج الكتابة والحساب والرسم ، مما يريح النفس ، لكن ذلك لم يدم واصطدمت بلا مبالاة وعدم اهتمام أغلب الشركاء، باستثناء عيّـنة استطاعوا تطويع الوسيلة واستثمارها فيما يعود عليهم وعلى تلاميذهم بالنفع.. ولقد أعددت للمقاطعة مشروعا متعدد المحاور حظي منه محور الاهتمام بوسيلة العصر (الكومبيوتر) بحصة الأسد كما يقال، ولكن اصطدمت بتقويم مديرية التربية لمشروع المقاطعة بجملة لا تعبر بصدق عن قيمة العمل المنجز ولا تعطي البديل، (وربما نشرت رسالة كنت قد عبرت فيها للمديرية عن انزعاجي من تقويمهم الأعرج)، ورغم هذا التثبيط للعزائم فقد عملت المقاطعة مع الذين لهم إلمام بالإعلام الآلي من المعلمين والأساتذة والمديرين المساندين للمشروع على تحقيق القدر الأكبر من الأهداف المسطرة.
ذكرت هذا لأن المعلمين والمديرين والأساتذة نادرا ما يتفاعلون مع المنتديات التي تثير فيهم حب المناقشة وإبداء الرأي الصريح وتبادل الخبرات.... وهلم جرا، وذلك لجهلهم أساسا استخدام هذه الوسيلة إلا من رحم ربك...
لا بد أن نفرق بين ثلاث أنواع من المعلمين:
1. معلم مريض نفسيا (وهؤلاء موجودون في مدارسنا بعضهم) يمنحه الطبيب عطلة طويلة الأمد أي أكثر من 3 أشهر وتتجدد، ولما يُشفى قليلا يُعاد للمدرسة فينشب بينه وبين المحيطين به شجارات وسباب واعتداءات..، لا يحترم مسؤولا ولا يقدر وليا ولا ينتصح بنصائح أحد، ويعرّض تلاميذه لسوء العذاب والمعاملة...، وإذا تطورت حالته الصحية وتدهورت فإنه يتحول إلى إرهابي داخل وخارج المؤسسة. والغريب أن المديرية تبقى عاجزة إزاء توقيف أو استبدال مثل هؤلاء، فهم يغيبون بشهادة طبية ويعودون بها ومناصبهم تبقى مفتوحة، والأولياء يتذمرون ويشتكون ويساندهم المديرون والمفتشون، ولكن القانون يبقى حجر عثرة أمام معالجة ما يترتب من مشكلات وآثار مدمرة عن هذا الصنف من المعلمين.
2. معلم أو أستاذ متخرج فورا من الجامعة ولم يتلق تكوينا في علم النفس التربوي وعلم نفس النمو وتعليمية المواد والأنشطة، ومهارات التواصل التربوي، فعندما يسند له فوج يعتقد أنه مسموح له باتخاذ كافة الإجراءات لتحقيق ما سطره من كفاءات، وقد يتأثر بنفس الأسلوب الذي درّسه به غيره في الابتدائي، فيتذكر بأن معلمه كان يضربه فلا بد من أن يقلده في استخدام الوسيلة، ولكن بعض المعلمين الجدد يتجاوزون عقاب معلميهم باختراع عقوبات أشد شراسة وعدوانية. ولذلك نحِـنُّ إلى آثار المعاهد التكنولوجية التي كان المتكون يقضي فيها سنتين يتعلم ويمارس، فيتعرف على خصائص الطفولة وتتكون لديه مهارات التصرف والتعامل مع الصغار والكبار، ويتفادى كثيرا من مشكلات التعلم لدى المتعلمين، فلا يلجأ للعنف كوسيلة لمعالجة المشكل، بل للأساليب التربوية التي تعلمها في المعهد.
كما أن لمفتش التربية الباع الأكبر في تكوين المربين الجدد مثل تمكينهم من طرائق التدريس وفن معاملة الأطفال، والتشريع المدرسي الذي يشير إلى منع الضرب والعنف بصفة عامة.....الخ.
3. معلم ذو خبرة ودراية، يعرف بأن بعض الأولياء لا يرحمونه إذا ما وقع منه خطأ تجاه أبنائهم، سواء في صحة النصوص التي ينقلها عنه تلاميذه أو التمارين والخلاصات التي يكتبونها ويأخذونها إلى بيوتهم، ومنها تُــتّـبع عثرات المعلم ولا مبالاته في بعض الأحيان، وقد وجدت أن بعضهم عندما يُــبَــيّـت لهم بعض الأولياء ويحيكون مالم يتوقعوه، يعزلون أبناءهم عن المشاركة فلا يسألونهم ولا يقحمونهم في وضعيات تعلمية، وهذا يحدث لهم ضررا بالغا بجريرة أوليائهم، وليس من شيم المربي الناصح العمل بمثل هذا العلاج.
ـــ ولعل ما فعلته هذه المعلمة عدوان لا يرضاه أحد، لكنها قد تكون من النوع الثاني الذي أشرت إليه آنفا فليس لديها تصور واضح للعملية (التعليمية/ التعلمية) ولكيفية التواصل مع التلاميذ، واعتقدت خطأ أن الضرب المبرح يحل المشكلة، وقد تكون في حالة نفسية غير عادية، تستحق من الأخصائية أو الطبيبة النفسية منحها شهادة على غرار التي منحتها للطفل، تلك التي تفتقر لأسس قانونية حسب رأيي ـ بسبب ما فيها من أخطاء، ولأن ضرب أطفال الابتدائي كان منتشرا في كل مدارس الدنيا تقريبا والذين تعرضوا له نجح معظمهم في دراستهم وفي حياتهم، و أعتقد أن مثل هذه الطبيبة النفسية هي ممن يذهب بعيدا في زرع الأحقاد بين الشركاء وفي كشف الأسرار الإدارية والمهنية.
ـــ ومديرية التربية في مثل هذه الحالة قد توقف المعلمة وتنتظر حكم المحكمة لتنفّذه فقط.
ـــ هذه المعلمة المصدومة أكثر من الطفل لو أعيدت للتعليم (إذا كان لها ميل وموهبة للمهنة) فإنها لن تلمس طفلا آخر فالدرس قد حفظته.
ـــ مثل هذا الأب في رأيي كان يمكن أن يصفح ويترك المعلمة بنفسها تعتذر للطفل بحنان الأم، وهي التي تعالجه بحق.
ـــ لا حظت من الجرائد كثرة التشهير بالمعلمين وقلة الاهتمام بمعاناتهم النفسية والصحية والتكوينية والاجتماعية، فإذا كان من المعلمين أصناف، فالعدد الأكبر يقومون بأداء رسالة التربية على أكمل وأتم وجه، والله يهدي من يشاء إلى سواء السبيل.
ملاحظة: أرجو أن أجد بعد عودتي من السفر خاصية التصحيح للموضوع وللأخطاء مفتوحة وميسرة حتى أتمكن من تصحيح الخطأ الذي ألحظه في هذا التعقيب.