موضوع هام بمناسبة يوم 24 فبراير مترجم للعربية ومنشور أيظا باللغة الفرنسية لصديقنا الخبيرالاجتماعي نورالدين بودربة مع جريدة الوطن.
نورالدين بودربة ،إطار سابق بشركة الاشغال الكبرى البيترولية (GTP ) و قيادي سابق بفدرالية البترول.
نقابي سابق، الآن أخصائي اجتماعي، يعود في هذه المقابلة إلى قضية تفكيك قطاع النفط والغاز في الجزائر، يرسم حدود التعددية النقابية في الجزائر ويسلط الضوء على نظام التقاعد الجديد.
- قبل 46 عاما، أممت الجزائر قطاع المحروقات، وبعد نصف قرن تقريبا، تطرح العديد من الأسئلة حول الريع البترولي الذي سماه البعض بالعنة التي تمنع البلاد من تطوير اقتصادها ، ما رأيك في هذا؟
أولئك الذين وصفوا الثروة النفطية باللعنة هم الناس الذين أساؤو استخدامها منذ وقت مبكر اي منذعام 1980 والمشكلة لا تكمن في وجود هذه الثروة الطبيعية، ولكن كيف يمكن استغلالها ،خلال سنوات 1970 عائدات النفط كانت تمول التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال بناء قاعدة صناعية والمدارس والمستشفيات ولم يكن هذا هو الحال خلال العقود التالية، وخاصة منذ عام 2001 عندما وصلت الأسعار 112 $ / برميل.
وكانت اللعنة الحقيقة هي سياسة تفكيك الشركات الجزائرية من عام 1980 و اتباع سياسة توقيف الاستثمارات وتراجع الصناعة في الجزائر على الرغم من العائدات المتزايدة. اليوم، حصة الصناعة في الناتج المحلي الخام لا تتجاوز 4٪ مقابل 14٪ خلال سنة 1990 . اللعنة كانت سياسة الخصخصة وانتشار مؤسسات الاستيراد ـ الاستيراد المنظمة حول التقاط الأقساط الكبرى من الريع لطائفة من الأثرياء التي استاثرت بشكل غير شرعي.
هؤلاء الذين يقولون أن الريع هو لعنة يجب أن لا يعتد عليه يخاطبون حصرا الموظفين و الشعب البسيط ، على غرار صندوق النقد الدولي، أنه لم يعد لديهم الحق في المطالبة بحصتهم من الموارد الطبيعية للبلاد كما وعدت به من قبل الدولة الاجتماعية المنصوص عليها في إعلان 1 نوفمبر 1954 هذا الريع حسبهم الآن يجب أن يكون مخصص للأغنياء فقط المشار إليهم بكلمة متواضعة "المؤسسات".
ـ في عام 1995، كنت واحدا من النقابيين البارزين أثناء إضراب عمال النفط كنتم تطالبون عودة الشركات الخدمات النفطية في حضن سونا طراك بعدما فكك القطاع بالكامل بعد إصلاحات بداية سنة 1980 . ما هي وجهة نظرك حول القطاع اليوم؟
إن عارضة مطالبنا وضعت يوم 5 جوان سنة 1994 أي بعد التوقيع على اتفاقيات صندوق النقد الدولي من خلال التجميع الذي نادينا به اردنا حماية شركاتنا الموعودة للخصخصة ، أردنا أن إنشاء شركة نفط قادرة على توفير الموارد اللازمة لتجديد وتطوير أدوات العمل التي كانت غائبة في أعمالنا في وقت كانت سونا طراك تستثمر في قطاعات أخرى في الخارج ، و مضاعفة أعمالنا من خلال خلق مشاريع مشتركة مع الأجانب في مجالات تسيطر عليها إلى حد كبير شركاتنا تعبئتنا في الأخير كانت تهدف إلى إضفاء الانسجام السياسة الاجتماعية (التي لم تعد موجودة اليوم) في هذا القطاع. وحركتنا التي امتدت على مدار 14 شهرا، تتخللها إضرابين (3 و 10 يوما) ، وحشدت 50،000 عامل نفط وسمحت بوقف خصخصة الشركات الخدمات النفطية المخطط لها ( التنازل للخارج 65٪ من الحصة الاجتماعية ) والتنازل عن " احتكار نشاط التوزيع " ( نفطال ). بفضل حركتنا، خصخصة قطاع الكيماويات (ENAD ،ENGI، DIPROCHIM ENPC، Asmidal ، وما إلى ذلك) ارجئت إلى سنوات لاحقة وبرضاء إ.ع.ع.ج ولكن، و اليوم مع قانون الاستثمار الجديد و قانوني المالية لعامي 2016 و 2017 الشركات العامة في القطاع النفطي (بما في ذلك سوناطراك) هي محل اطماع أكثر من أي وقت مضى.والخطر حقيقيا، خصوصا مع احتمال قيام تحالف بين أرباب العمل الجزائريين الذين زاد طموحهم والشركات متعددة الجنسيات. المحروقات هي نعمة لهذا البلد. إذا مابقي تحت السيطرة الحصرية للدولة، سيستمر لفترة من الوقت لعب دورا رئيسيا في التنمية الاقتصادية للبلد ولصالح المجتمع برمته.
- يوم 24 فبراير يتزامن أيضا مع إنشاء إ.ع.ع.ج الذي كنت مناضلا به لفترة طويلة. إذا كان لنا أن نقيم حصيلة هذه النقابة فما هو تقييمك ؟
كما هو الحال في معظم البلدان التي كانت مستعمره تتشابك في تاريخ الحركة النقابية في الجزائر مع حركة التحرر الوطني. ولقد ناضل في البداية العمال الجزائريين في الاتحاد السائد آنذاك وهو CGT ، هذا الأخير، على الرغم من كونه نقابة عمالية معترف بها إلا أنها لم يمكن أن تلبي التطلعات الوطنية للعمال الجزائريين لجزائر المستقلة. إ.ع.ع.ج تأسس يوم 24 فبراير 1956 من قبل مجموعة من الناشطين النقابيين جاؤوا من CGTبرئاسة عيسات إيدير مهمتهم تهدف الى تعبئة العمال الجزائريين في إطار النضال من أجل التحرر الوطني ، مهمة مشرفة الأمر الذي عظم من شأنها في حرب التحرير الوطنية ، ولكن أيضا ضعفها بعد الاستقلال، بعد ما لم تتمكن من تحرير نفسها من السلطة السياسية حتى الآن. بعد الاستقلال شارك إ.ع.ع. في المعركة من أجل التنمية الاقتصادية وتحقيق "مهام بناء الدولة" ، ولم يكن هذا أمرا سيئا في حد ذاته، بل على العكس تماما، لأن العمال لا يمكن لهم أن يتمتعوا بالتقدم الاجتماعي دون توطيد الاستقلال والتنمية الاقتصادية. الذي كان سلبيا هو أن التعاون والمشاركة لم يتم على أساس الاختيار الطوعي و مستقل ، ولكن تحت إشراف و تأطير أنصار مختلف الحكومات التي تعاقبت منذ الاستقلال ، ووضع إ.ع.ع.ج تحت وصاية حزب جبهة التحرير الوطني عن طريق انقلاب منذ أول مؤتمر عام 1963، عندما لم يكن هناك أي مبرر لفرض هذه الوصاية، ومنذ ذلك الحين كان تاريخ إ.ع.ع.ج هو سلسلة من النضالات في الميدان من أجل استرجاع الطابع المطلبي واستقلاليته. وكان دستور عام 1989 قد أنشأ التعددية النقابية وكان عليه أن يؤدي إلى تحرير إ.ع.ع.ج من السلطة. بدأت عملية جديدة في مؤتمر عام 1990، ولكن إ.ع.ع. وجد نفسه مرة أخرى محاصرا من قبل السياسة. إن الإرهاب العشرية السوداء ألقى بتأثيره القوي على العمل النقابي. دفع إ.ع.ع.ج ثمنا باهظا للدفاع عن الدولة الوطنية.
800 نقابي (بما في ذلك بن حمودة نفسه) دفعوا حياتهم ثمنا لالتزامهم ، ولكن تجدد العمل السياسي ل إ.ع.ع.ج عزز قربه من مراكز صنع القرار على جميع المستويات وذلك على حساب العمل الاجتماعي والاحتجاجي وجاء هذا في الوقت الذي اشترط صندوق النقد الدولي على الجزائر برنامج التكيف الهيكل PAS مع عواقب وخيمة على العمال.
سياسة تطبيع إ.ع.ع.ج مرة أخرى، أدت إلى تحييد العمل النقابي وقمع لم يسبق له مثيل ضد النقابيين الذين عارضوا سياسة صندوق النقد الدولي وآثاره. ومنذ عام 2001 ، لم ينته إ.ع.ع.ج من إدارة ظهره للعمال ، ودعم السياسات النيوليبرالية التي بدأت في عام 2001 ، وفي عام 2003 إ.ع.ع.ج وأثناء الثلاثية، ولصالح أرباب العمل طالب بإعادة النظر في قانون العمل ، وشارك في وضع العقد الاقتصادي والاجتماعي لعام 2006 ، و جدده في عام 2014 ، وقد خدم بالخصوص أرباب العمل و أقل شيء العمال ، وأخيرا في عام 2016، فإن إ.ع.ع.ج هو الذي طالب بإزالة التقاعد دون شرط السن والتقاعد النسبي. ولكن إ.ع.ع.ج هو ايظا هؤلاء النشطاء على مستوى القاعدة ، مثل منطقة الرويبة ، المناهضين للجهاز المركزي، والدفاع عن مصالحهم المادية المعنوية ومكافحة آثار السياسات النيوليبرالية المتوحشة التي تريد سحقهم هذه النواتاة مع النقابات المستقلة، تمثل الأمل في التأثير على ميزان القوى الذي يريد صناعة مشروع مجتمع جديد بمكانة اجتماعية جديدة للموظفين .
ما رأيك في تجربة التعددية النقابية في بلادنا ؟ النقابات المستقلة دعيت مؤخرا إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة ، هل تعتقد أن نيتها كانت صادقة أو مجرد مناورة سياسية لتهدئة الجبهة الاجتماعية المضطربة ؟
تاريخ الحركة العمالية في العالم يخبرنا أن هذه الأخيرة مرت بثلاث فترات مميزة: ثورات العمال، ون نضال النقابات من أجل فرض الاعتراف القانوني وأخيرا جهودهم للعثور على أشكال أشكال تنظيمية مناسبة التي تمكنهم من التطور والنمو.
طوال الفترة الممتدة منذ عام 1988، تمحور نشاط هذه النقابات المستقلة حول حركات تسعى لفرض الاعتراف بها كشريك اجتماعي أساسي. أعتقد أن مسألة الاعتراف النقابي لا تكتفي بمجرد اجتماع بروتوكولي لتبادل المعلومات ولكن الأمر يتطلب اعتراف بالنقابة كشريك اجتماعي حقيقي في إ طار الحوار الإجتماعي والمفاوضة الجماعية.
ــ هل التعددية النقابية واقعا أو مجرد واجهة، أو مجرد سراب؟
إذا أردت تلخيص حالة الحريات النقابية في الجزائر فإن التعددية النقابية بحكم القانون معترف بها و في الواقع محظورة حتى إذا كان منصوص عليها في دستور عام 1989، فحرية ممارسة الحق موضوع عليها قيود تمنع العمال من تنظيم أنفسهم من أجل الدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية، هؤلاء لا يتعاملون فقط مع العقبات التي أقامها القانون واللوائح ، ولكن أيضا يواجهون الممارسات القمعية للسلطات وأرباب العمل. وهذا ما يفسر غياب شبه تام للنقابات (بما في ذلك إ.ع.ع.ج ) في القطاعين الخاص والمختلط الذي يستخدم أكثر من 3 مليون عامل ، في القطاع الاقتصادي العمومي يسمح التمثيل فقط ل إ.ع.ع.ج بشرط أن يقوم هذا الأخير "تلطيف" الحماس وروح المطلبية لقاعدته . أما في الوظيفة العمومية فالحركة النقابية المستقلة وفي فترة 25 عاما، استطاعت ان تفرض الاعتراف النسبي من دون وصولها إلى التطور المطلوب بسبب ممارسات الحكومة. ومع ذلك ، فإن التكتل النقابي الذي شكل مؤخرا (في التقارب مع بعض القواعد المتمردة من عمال إ.ع.ع.ج ) يمكن أن يكون رأس حربة ونقطة انطلاق لتطور الحركة النقابية المستقلة في الجزائر بشرط الحفاظ على الصفات الثلاث التي جعلتها قوية حتى الآن: 1- تجاوز المصالح الخاصة بالسلك 2ـ تكريس الديمقراطية باعتبارها القاعدة الذهبية في عملها. 3- إعطاء الأولوية للمطالب الموحدة والمشتركة التي تشمل جميع العمال، بما في ذلك تلك المتعلقة بوضع الموظف في الجزائر، والحماية الاجتماعية، القدرة الشرائية، وأخيرا إلى حرية ممارسة الحقوق النقابية وجميع نتائجه الطبيعية.
ــ لرغم المخاوف والغضب الذي أثاره في عالم الشغل، نظام التقاعد الجديد اعتمد في النهاية ما هي في اعتقادكم تأثيراته على ألعمال ؟
أولا، اسمحوا لي أن أشير إلى أن نظام الضمان الاجتماعي، بما في ذلك التقاعد، على أساس التضامن والتوزيع هو أحد أفضل الأنظمة في العالم ، ولذلك هو واحد من أعظم الإنجازات الاجتماعية للعمال للجزائر المستقلة و يجب بأي ثمن الحفاظ عليه وتوطيده ضد نوايا الليبرالية الجديدة التي تهدف إلى تفكيكه. للإجابة على سؤالك ، أود أن أقول إن إزالة التقاعد قبل السن القانونية هو معاقبة العمال الذين بدأوا حياتهم المهنية قبل سن 20 سنة ، وبالتالي، فإن الشاب الذي بدأ نشاطه في سن 16 سيبقى يعمل مدة 44 عاما قبل أن يتقاعد مقابل 32 سنة بالنسبة للجامعي و 20 سنوات لكبار المسؤولين في الدولة ، وا ترككم قياس مدى التمييز، عندما نعلم أن هذا الشاب النشط الذي بدأ يعمل منذ 16 عاما سيحصل على معاش لفترة تقل عن 7 سنوات في المتوسط مقارنتا مع الإطار بسبب مؤشر أمل الحياة اقل.سوف يعاقب العمال الذين يعملون على مناصب صعبة ( ضغوطات مادية، المهام المتكررة، وسط بيئي مضر على الصحة، المخاطر، والإجهاد وما إلى ذلك) ، كبار السن من العمال العاطلين عن العمل من دون دخل حتى سن 60 حتى لو عملوا وساهموا لمدة 32 عاما سيكونون ضحايا وأخيرا سوف يواجه أيضا الشباب الجدد الذين وصلوا إلى سن العمل و الذين سيجدون صعوبة في العثور على وظيفة.
- و بالنسبة لصناديق التقاعد، حيث أن مسئولي الحكومة أكدوا عجزها، هل يكمن بفعل ساحر إنقاذها ، مع العلم أن القائمين على تسيير البلاد لم يستطيعوا دمج الاقتصاد الموازي في الإطار الرسمي، أو خلق فرص عمل من المفترض أن تكون مساهمة في حل مشاكل الصناديق ؟
بالفعل، فإن القانون الجديد للمعاشات الذي سوف يخلق تمييز اجتماعي لا يمكن إنكاره لا يمكنه ايجاد حل لعجز الصندوق وذلك ببساطة لأنه لا يعالج أسبابه، هذا الخلل لا هو هيكلي ولا يمكن ربطه بسن التقاعد ، هو راجع كما تقول إلى الى الوزن الثقيل من العمالة غير الرسمية وانخفاض مستوى خلق فرص العمل . في الجزائر معدل العمالة هو فقط 37٪ مقابل 40-41٪ في البلدان المجاورة و80-90٪ في البلدان المتقدمة ، في المقابل وحسب الجنس ، فمعدل توظيف النساء هو 13٪ فقط مقابل 24٪ في دول الجوار والدول العربية. لدينا 9.5 مليون جزائري (بما في ذلك 8 ملايين امرأة مصنفة من قبل مكتب الإحصاءات الوطنية بأنها "ربات البيوت") فما بين سن 15 و 59 ليسوا طلاب ولا عملات ولا عاطلات عن العمل ، يتم تصنيف هؤلاء ببساطة بأنهم "غير نشطين" ، هنا هو خزان للقوى التي يحتمل أن تنشط ، ولكن هي غير مستغلة مما يدل على أن الوضع الديموغرافي للجزائر هو نعمة غير مستغلة وليس مجتمع وصل مرحلة الشيخوخة.
ولكن مشكلة مستويات خلق العمالة والعمالة الغير الرسمية لا ينبغي أن تحجب عنا أسباب أخرى لا تقل أهمية التي تعتمد على الإرادة السياسية للسلطات ، هو أولا التهرب الاجتماعي في القطاع الرسمي نفسه ، الهروب مضخم من قبل العديد من الإعفاءات التي تمنح لشركات القطاع الخاص التي تضاف إلى عدم التبليغ عن الأجور ، ثم يجب أن نعرف أن مجموع مستحقاة صناديق الضمان الاجتماعي على الدولة والشركات تجاوزت 300 مليار دينار في نهاية عام 2016.
من بين الأسباب التي قدمها مديرو CNAS، هوعدم تعاون السلطات الضريبية والبنوك للسماح للCNAS لاسترجاع إجباري لمستحقاتها فمن بين 300 مليار دينار، 46 مليار تقع على عاتق الشركات التي كانت تعاني من صعوبات و التي تم حلها خلال 1990 ولم تقوم CNAS باسترجاع أموالها رغم تعليمات الحكومة. والسبب الرئيسي الآخر للعجز هو إسناد نفقات التضامن الوطني إلى صندوق التقاعد بدل خزينة الدولة ( معاشات ابناء الشهداء بسبب 7 سنوات الدفع المسبق او معاشات الحرس البلدي لفترة 5 سنوات دفع مسبق). إلى هذه التكاليف يجب أن تضاف تكاليف CNAC الممونة من طرف اشتراكات العمال لصالح المشاريع الخاصة منذ عام 2001 أو في دعم فرص العمل لشركات القطاع الخاص منذ عام 2006 ، نحن البلد الوحيد في العالم الذي يمول فيه الضمان الاجتماعي القطاع الخاص بدل العكس، والنفقات المتراكمة (42 مليار دينار في عام 2016) و بين عامي 2001 و 2016 تجاوزت 200 مليار دينار ،إلى هذه التكاليف يجب إضافة عدم وجود الحذر التي ميزت بعض قرارات الصادرة عن مسؤولي قطاع الضمان الاجتماعي، ولا سيما تلك المتعلقة بإعادة تقييم معدل المعاشات الموحدة المطبقة بين عامي 2011 و 2014 التي كان لها تأثير كبير على زيادة الإنفاق بين عامي 2013 و 2016.كل هذا العجز والإنفاق لا مبرر له، إضافة إلى نحو 350 مليار دينار من صندوق احتياطي التقاعد والمدعوم من ضرائب النفط 3٪ تمثل أكثر من 1200 مليار دينار مودعة في الخزينة أو بنك عمومي، يمكن أن تشكل احتياط مالي كبير والتي يمكن أن تساهم في تمويل المعاشات التقاعدية .
ــ والحال هكذا، ما هو الحل الأنسب حسب رأيكم؟
إن السياسة الحالية للتقشف ستؤدي إلى تفاقم الأزمة بدلا من حلها ، خفض الإنفاق الاجتماعي والتحويلات الاجتماعية بحجة استهداف أفضل، وزيادة عامة في الأسعار إلى جانب انخفاض الأجور الحقيقية، وانخفاض الاستثمار العام وتأثيرها على العمالة سوف تؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية وعدم المساواة والفقر من دون تقديم أي حل للمشاكل لاقتصادية.
يوصي الخبراء ، على عكس صندوق النقد الدولي والمتحدثين باسمه، عدم خفض الإنفاق العام في أوقات الأزمات، لعدم خنق النمو الاقتصادي، ولكن زيادة الموارد الضريبية وشبه الضريبية للدولة من اجل استراتيجية تعبئة حقيقية للموارد .
هذا صحيح بالنسبة للجزائر حيث التهرب الاجتماعي والمالي بلغ مستوى خيالي، حسب مجلس المحاسبة وغيرها من المؤسسات الوطنية . في عام 2015، مثلت ضريبة الرواتب 1.7 مرة الضريبة على أرباح الشركات ، والتدابير الضريبية الجديدة لعام 2016 و 2017 سوف تؤدي إلى تفاقم هذا الوضع الشاذ وزيادة عدم المساواة. يجب جعل الذين لديهم وسيلة للدفع دفع أكثر، وفقا للدستور الذي ينص على المساواة بين المواطنين أمام الضريبة. ضمان الحصول على الرعاية الصحية والتعليم لجميع الجزائريين، حماية القدرة الشرائية هي الشروط اللازمة، حتى لو أنها ليست كافية في حد ذاتها لتحسين إنتاجيتهم. فلنأخذ على سبيل المثال الحد الأدنى للأجر المضمون الوطني SNMG والذي لم يتغير منذ أكثر من 5 سنوات ، على الرغم من ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة الدينار، لماذا لا نزيد الحد الأدنى للأجر المضمون بنسبة 50٪، وضمان أن تعود هذه الزيادة بالنفع في المقام الأول على أصحاب الدخل المنخفض.وسيكون لذلك تأثير تصحيح عدم المساواة ، إعطاء دفع للطلب من شأنه سحب النمو نحو الأعلى، مع زيادة إيرادات الدولة وصناديق الضمان الاجتماعي ، لكن هذا الإجراء سيكون له تأثير إيجابي إذا كان متبوعا بسياسة حيث قيمة العمل واستبدال trabendo والمضاربة، حيث سيتم تخصيص الاستثمارات العامة حصرا لقطاعات وأنشطة خلق الثروة وليس للاستيراد ــ استراد ، وأخيرا إذا كانت مداخيل البلاد وضعت حصرا في خدمة التنمية ورخاء السكان. ؟
(سعيد ربيعة جريدة الوطن يوم 23 فبراير 2017 الموضوع مترجم)
منقـــول من صفحة مراد شوقيات