حكم تعلم علم النحو على عموم المسلمين هو كحكم تعلم سائر علوم الوسائل: أصول الفقه، وأصول التفسير، وأصول الحديث، وغيرها.
فهو واجب على الكفاية، فإن قام به من يكفي فإن سائر الناس لا يجب عليهم تعلمه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في "مجموع الفتاوى" 32/ 252: ومعلوم أن تعلم العربية وتعليم العربية فرض على الكفاية.
وقال أيضًا رحمه الله تعالى، كما في "اقتضاء الصراط المستقيم":
إن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب؛ فإن فهم الكتاب والسنة فرض، ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية.
وقال ابن حزم رحمه الله: أما النحو واللغة ففرض على الكفاية..
وقال الرازي رحمه الله: اعلم أن معرفة اللغة والنحو والتصريف فرض كفاية: لأن الأحكام الشرعية واجبة بالإجماع، ومعرفة الأحكام دون معرفة أدلتها مستحيل، فلا بد من معرفة أدلتها، والأدلة راجعة إلى الكتاب والسنة، وهما واردان بلغة العرب ونحوهم وتصريفهم. فإذن يتوقف العلم بالأحكام على الأدلة، ومعرفة الأدلة تتوقف على معرفة اللغة والنحو والتصريف، وما يتوقف على الواجب المطلق - وهو مقدور للمكلف - فهو واجب. فإذن معرفة اللغة والنحو والتصريف واجبة..
وقال الشيخ محمد محيي الدين رحمه الله في شرحه على الآجرومية المسمى بـ"التحفة السنية" صـ 4؛ وتعلمه - أي: علم النحو - فرض من فروض الكفاية.
وإنما لم يكن تعلم علم النحو واجبًا عينيًا في حق عموم المسلمين: لأنه ليس كل فرد من المسلمين بحاجة غليه، بل يحتاج إليه أولو العلم والفقه، والذين نصبوا أنفسهم للفتوى، أو نصبوا للقضاء والحكم بين الناس حسب شريعة الله تعالى، فهؤلاء لا شك أنه يتعين عليهم تعلم هذا العلم، كما سيأتينا بعد قليل، إن شاء الله تعالى.
منقـــــول