من وحي المدرج الدرس والإلهام
الأستاذ أمام طلابه يتمثل مستويات متنوعة من الظهور الإيجابي ،فهو المعلم و المربي و المدرب و المرافق ،لكن الأستاذ المبدع من يرتقي في تعاملاته بين هذه المستويات ليحقق الهدف ومن ثم الإبداع و الجودة و التميز في أدائه ، ومن خلال ادراك أنماط الطلبة التمثيلية المتنوعة
و معرفة أنواع شخصياتهم مختلفة وفقه ذكاءاتهم المتعددة.
فالتعليم النمطي كان يركز على التلقين لاعتماد المدخلات و الاختبار لمعرفة المخرجات ، أما التعليم بالإلهام فهو علامة فارقة في التدريس الفعل و الإيجابي ، فعندما تطور علم النفس السلوكي الذي اختصر أساليب التعامل الفعال و التواصل الإيجابي و اعتبر المهارات صنو المعارف في التعليم ظهر الأستاذ الملهم الذي يمارس تلقين المعارف بطريقة متجددة من خلال مهاراته المتنوعة .
لا أزال اذكر في أول محاضرة لي في مقياس قانون الإعلام قبل أكثر من عقد من الزمن، قلت فيها للطلبة من يكتب أي شكل من الأشكال الصحفية في جريدة...و تنشر له أعطيه العلامة الكاملة في الامتحان دون تصحيح ورقة الاختبار ....استغربوا من هذا الإجراء الذي لم يتعودا عليه....وربما بعضهم كان يتصور أنه مزاح و تحفيز فقط .
فبعد مدة غير طويلة يتقدم إلي طالبان وقد نشرا مقالين في جريدتين....فهنأتهما و وفيت بوعدي ....و الغريب أنني نسيت القصة حتى يتقدم إلي احدهم و يذكرني بها....و ليخبرني انه مدير مكتب لجريدة مشهورة في الجزائر كما هو الشأن لصديقه الآخر.
فرحت كثيرا و احتسبت الأجر ،حينها ادركت قيمة الإلهام في التدريس البعيد عن التلقين الذي عادة يخرج لنا نماذج مقولبة ، تنتهي المعلومات بانتهاء الاختبار.
أن الإلهام و طرق التدريس الحديثة ليست خيارا أو تميزا يقوم به بعض الأساتذة المبدعين ،و للأسف قد يتلقون نوعا من العتاب و اللوم في المجتمعات المتخلفة ، فالتدريس بالإلهام ضرورة وحتمية باعتبار تواصل الأجيال و اختلاف المهارات و تعدد الذكاءات و تنوع الأنماط .
و لا أزال اذكر أيضا اذكر طالبا كان يناقشني كثيرا و اصبر عليه و اتركه يعقب و ينتقد ،لأجده بعد تخرجه إعلاميا في احدى اكبر المؤسسات الإعلامية
وهنا فقط ندرك معالم صناعة مجتمع المعرفة الذي يجعل من استغلال المهارات الطريق السليم و المختصر لإدراك المعارف و المعلومات.
الدكتور : بدرالدين زواقة